حدث ما توقعناه ولم نكن نتمناه، فها هي قافلة "شريان الحياة" بقيادة النائب البريطاني المعروف جوج غالاوي تتعطل في مدينة العقبة بعد رفض السلطات المصرية مرورها إلى نويبع، ومن هناك إلى قطاع غزة (أهل العقبة يعبرون عن سائر الأردنيين بإكرام المشاركين فيها والاحتفاء بهم).
ورغم موافقة منظمي القافلة على مبدأ المرور إلى القطاع عبر مدينة العريش المصرية، وذلك بعد التحرك برا نحوها من نويبع، إلا أن السلطات المصرية تصر على أن يتم ذلك عبر البحر، ما يعني أن على القافلة أن تعود من جديد إلى سوريا، ثم تبحر عبر ميناء اللاذقية وصولا إلى العريش، الأمر الذي سيشكل عبئا كبيرا على المشاركين فيها الذين بلغ بهم التعب مداه بعد رحلتهم الطويلة التي بدأت منذ عشرين يوما من لندن مرورا بعدد من الدول الأوروبية وحتى تركيا ومن ثم سوريا فالأردن.
التبريرات التي تقدمها السلطات المصرية تتحدث في معظمها السيادة، من دون أن يدري أحد طبيعة العدوان على تلك السيادة في حال أخذت القافلة هذا المسار، بينما تبرر السلطات ذلك بأنها أبلغت منظمي القافلة بأن عليهم السفر بحرا إلى العريش، لكنهم تجاهلوا ذلك، في حين ذهب جالاوي إلى أن الرسالة بهذا الخصوص قد وصلت متأخرة، مع العلم أن المسار المقترح قد جرّب من قبل قوافل أخرى، فكانت النتيجة معاناة امتدت لأسابيع، يعلم الجميع أنها مقصودة.
الآن يتمترس الطرفان عند مواقفهما، بينما تدخل على الخط وساطات خارجية، مثل وساطة تركيا، فضلا عن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، ولا يعرف ما إذا كانت السلطات المصرية ستستجيب لتلك الوساطات، أم ستصرّ على موقفها المتعلق بمسار القافلة.
والحق أن هذا البعد المتعلق بالسيادة الذي تردده الدبلوماسية المصرية يبدو مثيرا للغالبية الساحقة من جماهير الأمة، فقبل أيام فقط كان إسرائيليان يتسللان عبر "شيك" الحدود (نعم يتسللان) نحو الأراضي المصرية، وعندما يتم إلقاء القبض عليهما تتم إعادتهما سالمين غانمين بدعوى أنهما كانا تائهين.
كثيرة هي الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة المصرية التي يتم التغاضي عنها، وكم من مرة انتهك الطيران الإسرائيلي الأجواء المصرية، وكم من مرة قُتل وجُرح جنود مصريون، ثم مرّ ذلك مرور الكرام بعد اعتذار عابر، وأحيانا من دون اعتذار.
ثم من قال إن الجدار الفولاذي الذي يبنى على طول محور صلاح الدين الذي يستخدم لحفر الأنفاق هو دفاع عن السيادة المصرية، فيما يعلم الجميع أنه جاء بضغوط أمريكية، وأنه صنع في الولايات المتحدة، حتى لو جاء توقيته في ظل شعور القاهرة بضرورة الضغط على حركة حماس من أجل الموافق على ما يعرف بالورقة المصرية للمصالحة كما هي.
لا خلاف على أن كل تحولات السياسة المصرية خلال السنوات الأخيرة ذات صلة بقرار التوريث وتجاوز حكاية الإصلاح والحصول على حرية قمع المعارضة، لكن الموقف لم يعد محتملا من قبل النخبة السياسية والشارع المصري عموما، وذلك بعد تفريطه بالأمن القومي المصري، وما ترتب عليه من إساءات لمصر وشعبها ودورها، مع أن العقلاء يحرصون دائما على التفريق بين السلوك الرسمي والموقف الشعبي الذي لم يغادر المربع الشعبي العربي، وإن جرى استنفار بعض قطاعاته بمنطق القبيلة في هذه المحطة أو تلك، وذلك من خلال وسائل إعلام متخصصة في الردح ضد الآخرين وتذكيرهم (بروحية المنّ والأذى) بفضائل مصر التاريخية عليهم!!
أيا يكن الأمر، فنحن اليوم أمام معضلة هذه القافلة التي تضم مئات المتضامنين الأجانب الذين لا يبدو الردّ عليهم بهذه الطريقة لائقا بأي حال، لاسيما من طرف مصر، أكبر دولة عربية، في ذات الوقت الذي يتواصل فيه بناء الجدار الفولاذي، وإن كان أسوأ ما في قضية هذا الأخير هو حصوله على الدعم والتأييد من طرف قيادة السلطة في رام الله، ودائما حرصا على السيادة المصرية والأمن القومي المصري، وربما حرصا على المصالحة والمشروع الوطني الفلسطيني أيضا!!
ورغم موافقة منظمي القافلة على مبدأ المرور إلى القطاع عبر مدينة العريش المصرية، وذلك بعد التحرك برا نحوها من نويبع، إلا أن السلطات المصرية تصر على أن يتم ذلك عبر البحر، ما يعني أن على القافلة أن تعود من جديد إلى سوريا، ثم تبحر عبر ميناء اللاذقية وصولا إلى العريش، الأمر الذي سيشكل عبئا كبيرا على المشاركين فيها الذين بلغ بهم التعب مداه بعد رحلتهم الطويلة التي بدأت منذ عشرين يوما من لندن مرورا بعدد من الدول الأوروبية وحتى تركيا ومن ثم سوريا فالأردن.
التبريرات التي تقدمها السلطات المصرية تتحدث في معظمها السيادة، من دون أن يدري أحد طبيعة العدوان على تلك السيادة في حال أخذت القافلة هذا المسار، بينما تبرر السلطات ذلك بأنها أبلغت منظمي القافلة بأن عليهم السفر بحرا إلى العريش، لكنهم تجاهلوا ذلك، في حين ذهب جالاوي إلى أن الرسالة بهذا الخصوص قد وصلت متأخرة، مع العلم أن المسار المقترح قد جرّب من قبل قوافل أخرى، فكانت النتيجة معاناة امتدت لأسابيع، يعلم الجميع أنها مقصودة.
الآن يتمترس الطرفان عند مواقفهما، بينما تدخل على الخط وساطات خارجية، مثل وساطة تركيا، فضلا عن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، ولا يعرف ما إذا كانت السلطات المصرية ستستجيب لتلك الوساطات، أم ستصرّ على موقفها المتعلق بمسار القافلة.
والحق أن هذا البعد المتعلق بالسيادة الذي تردده الدبلوماسية المصرية يبدو مثيرا للغالبية الساحقة من جماهير الأمة، فقبل أيام فقط كان إسرائيليان يتسللان عبر "شيك" الحدود (نعم يتسللان) نحو الأراضي المصرية، وعندما يتم إلقاء القبض عليهما تتم إعادتهما سالمين غانمين بدعوى أنهما كانا تائهين.
كثيرة هي الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة المصرية التي يتم التغاضي عنها، وكم من مرة انتهك الطيران الإسرائيلي الأجواء المصرية، وكم من مرة قُتل وجُرح جنود مصريون، ثم مرّ ذلك مرور الكرام بعد اعتذار عابر، وأحيانا من دون اعتذار.
ثم من قال إن الجدار الفولاذي الذي يبنى على طول محور صلاح الدين الذي يستخدم لحفر الأنفاق هو دفاع عن السيادة المصرية، فيما يعلم الجميع أنه جاء بضغوط أمريكية، وأنه صنع في الولايات المتحدة، حتى لو جاء توقيته في ظل شعور القاهرة بضرورة الضغط على حركة حماس من أجل الموافق على ما يعرف بالورقة المصرية للمصالحة كما هي.
لا خلاف على أن كل تحولات السياسة المصرية خلال السنوات الأخيرة ذات صلة بقرار التوريث وتجاوز حكاية الإصلاح والحصول على حرية قمع المعارضة، لكن الموقف لم يعد محتملا من قبل النخبة السياسية والشارع المصري عموما، وذلك بعد تفريطه بالأمن القومي المصري، وما ترتب عليه من إساءات لمصر وشعبها ودورها، مع أن العقلاء يحرصون دائما على التفريق بين السلوك الرسمي والموقف الشعبي الذي لم يغادر المربع الشعبي العربي، وإن جرى استنفار بعض قطاعاته بمنطق القبيلة في هذه المحطة أو تلك، وذلك من خلال وسائل إعلام متخصصة في الردح ضد الآخرين وتذكيرهم (بروحية المنّ والأذى) بفضائل مصر التاريخية عليهم!!
أيا يكن الأمر، فنحن اليوم أمام معضلة هذه القافلة التي تضم مئات المتضامنين الأجانب الذين لا يبدو الردّ عليهم بهذه الطريقة لائقا بأي حال، لاسيما من طرف مصر، أكبر دولة عربية، في ذات الوقت الذي يتواصل فيه بناء الجدار الفولاذي، وإن كان أسوأ ما في قضية هذا الأخير هو حصوله على الدعم والتأييد من طرف قيادة السلطة في رام الله، ودائما حرصا على السيادة المصرية والأمن القومي المصري، وربما حرصا على المصالحة والمشروع الوطني الفلسطيني أيضا!!